الخميس، 25 أبريل 2013

الإعلام والتعليم العالي


بسم الله الرحمن الرحيم
فذلكة :شاركت مع الدكتور زيد الرمّاني بهذا المبحث في بحث حول الاستثمار في التعليم العالي وقد نشره بجزئيه في أكثر من موقع وأردت نشره هنا
 

تقديم:

يعد التعليم العالي أحد أهم مصادر إعداد الكوادر للعمل في مجالات الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة حيث يدرس الإعلاميون في كليات الإعلام أو في الكليات العلوم الاجتماعية المختلفة. وبالإضافة إلى العاملين الرسميين في وسائل الإعلام هناك أعداد كبيرة من المتعاونين مع وسائل الإعلام من الأكاديميين من أساتذة الجامعات أو العلماء والباحثين في شتى مجالات الحياة.

وتستمر الصلة بين التعليم العالي والإعلام في حاجة التعليم العالي لإيصال رسالته التثقيفية والتعليمية والتربوية عبر وسائل الإعلام المختلفة. فالنشاطات العلمية بحاجة إلى وسائل الإعلام للإعلان عنها وترويجها والدعوة إليها. وفي هذا المبحث نتناول إمكانية تفعيل الصلة بين التعليم العالي والإعلام وكذلك ننظر في المجالات التي يمكن أن تكون مجالاً لتطوير التعليم العالي وتنميته من خلال الإعلام. وهذه المجالات تتمثل في الصحافة والإذاعة والتلفاز والكتاب والإنترنت وغيرها من وسائل الإعلام.

ومن الأمور التي سوف يتم التركيز عليها  أيضاً مسألة الاستثمار والعائد الاقتصادي من العملية التعليمية التربوية وبخاصة في مجال التعليم العالي. ولعلنا نشير إلى بحث أعده أحد أساتذة جامعة الملك سعود تناول فيه مسألة تقويم العلمية التعليمية من منظور كمي حيث يقول:" تداخل الاقتصاد والتربية ظاهرة بدأت منذ بدأ الإنسان يتعلم كيف ينتج وكيف ينظم أمور حياته المعيشية، ثم تطورت هذه الظاهرة ونمت بنمو السكان وتشعب مناحي الحياة"([1]) ويشير فيما بعد إلى ظهور علم جديد هو علم اقتصاديات التعليم، ويذكر من موضوعات هذا العلم:

-      الاستثمار في التعليم

-      دور التربية في محاربة الفقر

-      التربية والتنمية الاقتصادية.

-      الكفاءة في المؤسسات التربوية وغيرها من موضوعات([2])

وثمة شكوى خطيرة من أن وسائل الإعلام تهدم ما تبنيه المدرسة بالإنتاج التجاري الرديء أو المقصود الإفساد فيه. وهنك من ينصح تقوية العلاقات بين الإعلام والمؤسسات التربوية حتى يمكن استخدام الإعلام في نشر القيم التربوية الراشدة.([3])

ويرى على الحديثي من قناة الشرق الأوسط أنه " لا يصح التعميم في هذه الأمور، لأنه لا بد أن يوصف الإعلام أيضاً بأنه مصدر للإبلاغ والتنوير والترفيه."([4])

والحقيقة أننا لو استثمرنا الاستثمار الحقيقي في وسائل الإعلام لكان استثماراً طويل الأمد حيث إننا نساهم في حماية أجيالنا الحالية والقادمة من شرور تفشي الأخلاق السيئة والعادات القبيحة ونحرص على حماية الهوية العربية الإسلامية. كما أننا نصون أموالنا من أن تضيع في أيدي شركات الإعلانات التجارية أو القنوات الفضائية المختلفة التي تهدف إلى الفساد ولديها الحجج الجاهزة أنهم يلبون رغبات الجمهور ولكنهم في حقيقة الأمر إنما يلبون رغبات الشيطان ومحاربة الفضيلة ونشر الرذيلة.

الإعلام المسموع والمرئي:

بعد أن ظهرت القنوات الفضائية والإذاعات التي تستخدم الأقمار الصناعية لإيصال بثها لم تعد ساعات البث تقتصر على ساعات محددة بل امتدت لتصبح على مدار اليوم والليلة. وهذه الساعات الطوال بحاجة إلى برامج تشغل هذا الوقت الطويل. صحيح أن وسائل الإعلام تعتمد على تقديم الجديد في ساعات الذروة من البث ثم تكرر كثيراً من الأخبار والبرامج، ويكون التكرار أحياناً لإتاحة الفرصة للجمهور أن يتعرف إلى الخبر أو الموضوع أو القضية المطروحة للنقاش وأحياناً لأن هذه الوسائل لا تستطيع أن تقدم الجديد دائماً نظراً للتكاليف المادية.

ونظراً لذلك فإن وسائل الإعلام بحاجة إلى جيش من المتعاونين الذين يمكن أن تكون نسبة كبيرة منهم من أساتذة الجامعات. كما أن الجامعات التي لديها أقسام إعلام – وأتعجب أننا ليس لدينا حتى الآن كلية للإعلام في أي جامعة سعودية- يمكنها أن تستخدم تجهيزاتها وخبراتها وقدراتها البشرية والفنية في إنتاج برامج  إعلامية يمكن لها أن تسوقها. ومن المعروف أن كثيراً من الجامعات الأمريكية لديها محطات تلفزيون محلية تقدم الكثير من البرامج الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية وحتى برامج الترفيه والتسلية. ويمكن للجامعات أن تنتج برامج معينة يمكن تسويقها لدى القنوات الفضائية كالحوارات مع أساتذة الجامعات حول قضايا فكرية وثقافية وسياسية واقتصادية، كما يمكن أن يكون من البرامج مناظرات معينة حول قضايا تهم المجتمع.

وثمة فكرة قدمها بعض المتخصصين في الإعلام وهي أن الإعلامي ينبغي أن يكون متخصصاً في مجال من المجالات ثم يدرس الإعلام حيث إن الإعلام وإن كان علماً قائماً بذلك لكنه في الوقت نفسه وسيلة تستخدم لحمل رسالة معينة. فما أجمل أن يكون الإعلامي متسلحاً بالمعرفة في مجالات العلوم المختلفة.

فإن كان عدد من أساتذة الجامعات يتعاونون مع وسائل الإعلام المختلفة لأنهم استطاعوا أن يدخلوا إليها فإن الأمر قد يصعب على كثير منهم فلماذا لا تتيح لهم الجامعة الوسيلة من خلال برامج تقوم هي بإنتاجها وعرضها على القنوات الفضائية أو تسويقها. فكم من المواهب تبقى مدفونة دون أن يلتفت إليها أحد.

تقديم أشرطة مناقشة الرسائل الجامعية:

ومن البرامج التي تعتمد فيها وسائل الإعلام الحالية على الجامعات مناقشات الرسائل العلمية. فمنذ عشرات السنين والإذاعات تقدم المناقشات حتى إن أحد هذه البرامج يحمل اسم (رسالة على الهواء) فلا يمكن أن تكون الإذاعة تمن على الجامعة بإذاعة الرسائل فإن الإذاعة لتقدم برنامجاً مدته ساعة تحتاج إلى تكاليف كثيرة، ويأتي المذيع إلى النسخة المسجلة من المناقشة (فيلعب) بها قليلاً فإذ به قد أعد عشرات الحلقات دون تكاليف تُذكر. بل ربما لم تقم الإذاعة بالتسجيل ولا إرسال فني من لدنها وإنما تقوم الجامعة بالأمر كله.

أما الأمر الثاني فإن الجامعات تستطيع أن تعد برنامجاً سنوياً للمحاضرات تستقطب أساتذة الجامعة البارزين لإلقاء المحاضرات كما تكون فرصة لاكتشاف مواهب جديدة من أعضاء هيئة التدريس بعد أن يتدربوا على إلقاء المحاضرات فتكون مادة غزيرة يمكن تقديمها للقنوات الفضائية فيكون في هذا مصدر دخل متميز للجامعة.([5])

وثمة ثروة أخرى ما تزال حبيسة الرفوف وهي الندوات التي أقامتها الجامعة على مدى السنوات الماضية، حيث إنه يمكن تسويق أشرطة هذه الندوات بطريقة تدر على الجامعة دخلاً جيداً.

الانتساب والتعليم عن بعد:


تعد جامعة الملك سعود بالرياض أول جامعة سعودية تفتح الباب للطلاب للانتساب، ثم تبعتها جامعة الملك عبد العزيز بجدة ثم جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية  فبدأت نظام الانتساب منذ سنوات، ولم يتم استخدام التلفاز ولا الإذاعة لإيصال المحاضرات للطلاب المنتسبين الذين لا وسيلة لهم للمعرفة سوى الكتاب أو بعض اللقاءات المحدودة،وهو أمر يجعل العملية التعليمية ناقصة. والآن بالإمكان نقل المحاضرات عن طريق الإنترنت –إذا استطعنا أن نرفع من مستوى هذه التقنية – وهو ما تقوم به كثير من الجامعات في الغرب. حتى إن كثيراً من الأساتذة يتلقى الواجبات عن طريق الإنترنت ويرسل التصحيح والملاحظات إلى بريد الطالب أو يدخل الطالب إلى موقع الأستاذ بكلمة مرور معينة.

وقد قامت الصين باستخدام الإذاعة والتلفاز في عملية التعليم العالي ففي عام 1989م(1399هـ) أنشأت الصين ثماني وعشرين جامعة إذاعية وتلفازية إقليمية في مختلف أنحاء الصين. وقد أكد هذه الريادة مدير جامعة بريطانية مفتوحة هو روبرت ماكورميك من الجامعة المفتوحة بقوله: "تستطيع الصين أن تفخر لا لكونها تملك إحدى أقدم الجامعات التلفزيونية في العالم فحسب، بل لأن لها كذلك تقليداً عريقاً في التعليم بالمراسلة يرجع إلى بداية هذا القرن.وإذا كان هذا التعليم على الصعيد الجامعي، قد نما وتطور عبر أقسام خاصة مرتبطة بالجامعات، إلاّ أن إقامة الجامعة الإذاعية التلفزيونية المركزية تشكل المحاولة الأولى لإنشاء مؤسسة وطنية للتعليم عن بعد متعدد الوسائط."([6])

ويثير المقال نفسه قضايا مهمة منها إعداد الكوادر المختلفة لشتى مجالات الحياة في الصناعة والتجارة والإدارة، كما أن هذه الوسائل تقدم الوسيلة المناسبة لتحديد معارف ومعلومات نسبة كبيرة من خريجي المدارس العليا والجامعات، ويذكر الكاتب أن هذه الجامعات "أقل كلفة وأقدر على إعداد أكبر عدد من الأشخاص بمدة أقل." ([7])

وإن أرادت الجامعة أن تقوم بتحقيق عوائد مادية مجزية من برامجها فيكون الأمر بالقيام بحملة إعلامية إعلانية عن برامج الانتساب أن يتم تسهيل إجراءات القبول وتخفيض الرسوم وتخفيض الشروط المالية، وكذلك مسألة دورة الانتساب وقضية النجاح والرسوب فيها أو تحقيق معدل عال. فنحن بحاجة إلى أكبر عدد من الطلاب المنتسبين، ومهما كانت وجاهة تحقيق نسبة نجاح مرتفعة في الدورة فإن الطالب يمكن أن يتحسن مستواه مع تقدمه في الدراسة، ويشهد بذلك أن طلابنا في المستوى الأول غيرهم في المستوى الرابع أو الخامس أو الثامن. وإذا كان عدد المنتسبين عشرة آلاف فيمكننا أن نجعلهم خمسين ألف مع تخفيض الرسوم وأن تكون عملية مكافأة الأساتذة أسرع وأكثر فاعلية. وحبذا لو تم تدريب الأساتذة على تقديم الأسئلة بغير الأسلوب الإنشائي الذي يستغرق وقتاً طويلاً في التصحيح ما عدا بعض المواد المحددة التي ربما تستلزم هذا الأسلوب.

النشر الجامعي


تعد دور النشر الجامعي من كبريات دور النشر في العالم، وهي لم تصل إلى هذا المستوى لو لم يكن لديها خطة اقتصادية وهدف تجاري واضح بالإضافة إلى أهدافها الفكرية والثقافية. ومن أشهر دور النشر العالمية دار جامعة أكسفورد، ودار جامعة كامبريدج وغيرها من الجامعات البريطانية والأمريكية. وهذه الدور لا توزع مجاناً أياً من كتبها ولا تبيعها بأسعار رمزية كما تفعل بعض الجامعات في البلاد العربية والإسلامية. وأحياناً تتكدس الكتب في مستودعات الجامعات حتى تتلف أو تقوم بتوزيعها بدون معايير ثابتة، فتعطى الكتب كثيراً لمن لا يريدها ولمن لا يقرؤها ولمن لا يطلبها.

وثمة جانب آخر أن الجامعات لديها مطابع فهل راعت الجانب الاقتصادي في هذه المطابع؟ هل حدثتها من ناحية الإدارة البشرية أولاً؟ وهل حدّثت آلاتها وتابعت ما يستجد من تقنية في العالم؟ لقد لاحظت مثلاً أن بعض أعداد من مجلات جامعة من الجامعات تزيد على ثمانمائة صفحة، وتباع هذه في الأسواق بعشرة ريالات؟ فهل العشرة ريالات مجزية لبيع مثل هذا السفر الضخم؟

كما لاحظت البعد عن التفكير الاقتصادي في طباعة بعض الكتب من ناحية الخط وحجم الصفحة فأحد الكتب الذي خرج في خمسمائة صفحة كان من الممكن أن يخرج في مائتي صفحة فقط لو راعينا الجانب الاقتصادي والفني في الإخراج والطباعة. كما أن كتب الجامعات في كثير من الأحيان لا تنافس غيرها من المعروض في السوق من النواحي الفنية والجمالية. فأغلفتها باهتة وليس فيها تصميم ونادراً ما تطبع مجلدة.

إن ما لدى جامعة من الجامعات السعودية من مطبوعات كاف أن يكون مصدر ثروة حقيقية للجامعة لو أحسنت استغلاله. ولا بد أن أذكر أن جامعة الإمام طبعت مجموعة من كتابات ابن تيمية بتحقيق ذي مستوى رفيع ووزعت معظم نسخ تلك التحقيقات مجاناً مع أنها لو تم بيعها إلى المكتبات الجامعية في العالم العربي والعالم الإسلامي لدرت دخلاً كبيراً على الجامعة، وما هذا إلاّ نموذج واحد.

الكتاب الجامعي:

        يعد الكتاب الجامعي من أهم مسؤوليات دار نشر الجامعة فلا تكاد تدخل جامعة في الولايات المتحدة الأمريكية دون أن تجد أن لديها مكتبة لبيع الكتب المنهجية( الجديدة والمستعملة) وهذه الكتب في غالبها من منشورات دار النشر الخاصة بالجامعة أو دور نشر أخرى تجارية. فهناك مئات المقررات الدراسية التي يقوم الطلاب في الوقت الحالي بتصوير أجزاء من كتب كمقررات. فلو بدأت الجامعة بتكليف عدد من الأساتذة لتأليف كتب منهجية وتقوم بتحكيم هذه  الكتب أو تقوم بنشرها إما على حساب الجامعة أو على حساب الأستاذ –ليكون له الدخل كمساعدة من الجامعة- وبالتالي نقضي تدريجياً على سرقة حقوق المؤلفين ونوفر كتباً منهجية للمواد الدراسية في الجامعة وهذه العملية لا شك ستدر دخلاً طيباً على الجامعة. 

الرسائل الجامعية:

لقد قامت في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا شركة منذ عشرات السنين تقوم بتسويق الرسائل الجامعية حيث يوقع الطالب بمجرد انتهاء المناقشة وإقرار النتيجة على تنازل لشركة مايكرفيلم الجامعية العالمية مقابل نسبة معينة. وتصبح الرسالة من حق تلك الجهة تقوم بنسخها على مايكروفيلم أو نسخة ورقية أو على أسطوانات مدمجة.

وإذا أردنا أن نفيد من هذه الرسائل فلا بد أن نقوم أولاً بطباعة دليل لملخصات الرسائل جميعها ونشرها على شبكة الإنترنت ثم نحدد سعراً معيناً لبيع الرسالة في أي صيغة معينة، وإذا كانت الجامعة غير قادرة على القيام بهذا الأمر فعليها البحث عن مستثمرين للقيام بهذا الأمر. وحبذا لو تمت دراسة تجربة الشركة الأمريكية الأوروبية في تسويق الرسائل. أما مسألة الخوف من سرقة الرسائل  فإننا إذا قمنا بنشر عناوين وملخصات الرسائل في الإنترنت وسهل التعرف على الرسائل العلمية في مختلف الجامعات العربية والإسلامية فإنه لا يمكن الموافقة على موضوع دون الرجوع إلى قواعد المعلومات.

وليست عملية تسويق هذه الرسائل بالأمر الصعب فقد وجدت الكثير من الشركات التي تسوق الكتب والمطبوعات من خلال الشبكة وذلك بالاتفاق مع الشركات المصرفية والبنوك على أن يكون للجامعة حساب خاص بالبيع عن طريق الإنترنت، وبالتالي يتم تسويق هذه الرسائل وحتى مطبوعات الجامعة المختلفة.



[1] -أنمار الكيلاني. " التقويم الاقتصادي للتعليم وأهميته في اتخاذ القرار الإداري التربوي" في مجلة جامعة الملك سعود – العلوم التربوية والدراسات الإسلامية، م 7 ، ع 2، 1415هـ/1995م، ص ص 381-400
[2] - المرجع نفسه.
1 – " التعليم والإعلام" تحقيق في مجلة المعرفة ، العدد 28 ، رجب 1418هـ ص ص 52-66.
2- المرجع نفسه ص 59.
[5] - علمت أن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية قد عقد اتفاقية مع قناة المجد على قيام القناة بتقديم أجزاء من المحاضرات والندوات التي قدمها المركز على مدى أكثر من عشرين سنة لقاء مبلغ مالي معين ،بل نص الاتفاق على النشاطات المستقبلية للمركز. كما أنني علمت أيضاً من رئيس مركز العربي للبحوث والدراسات في قطر أنه عندما عقد ندوة قبل عدة أشهر وصورت بالكامل من قبل التلفزيون القطري اشترط عليهم أن لا يبقوا أية جزء من الندوة حتى يتم الاتفاق على حقوق البث العائدة للمركز.
1- وانغ يي –شان، "التعليم الجامعي بواسطة الراديو والتلفزيون في الصين." في مستقبليات ، م 14‘ ع 1 ، 1984 ص ص 163-171.
2- المرجع نفسه ص 165.

الاثنين، 23 أبريل 2012

من يحكم أمريكا؟
التماسك الاجتماعي والأيكة البوهيمية
قوة النخبة في المخيم الصيفي

بقلم
جي. وليام دومهوف (جامعة كاليفورنيا – سانتا كروز)
G. William Domhoff, University of California, Santa Cruz
www.Sociology.ucsc.whorulesamerica/power/bohemian_grove.html?



ترجمة
وتقديم
د.
مازن مطبقاني
بسم
الله الرحمن الرحيم
مقدمة
المترجم
وصلتني
رسالة في البريد الإلكتروني من مصدر لا أذكره ولا أعرفه، ولم أتحقق منه- وما أكثر
أشباه تلك الرسائل- ولكن الرسالة كانت تحوي رابطاً لموضوع "من يحكم أمريكا؟
الأيكة البوهيمية"، فقرأت قليلاً ثم حذفته هروباً من أن أقع تحت تأثير ما
يسمى نظرية المؤامرة، وبعد مدة كنت أحضر محاضرة عن الجوانب الدينية في السياسة
الغربية للدكتور فيصل الكاملي، فأشار إلى الأيكة وما فيها من عبادات وطقوس وثنية
والاهتمام برمز البوم. فقررت العودة إلى الموقع وقراءة الموضوع قراءة متأنية(
[1]).
فوجدت أن كاتب الموضوع ينفي أن يكون
مسكوناً بنظرية المؤامرة وإنما هو بحث اجتماعي ينطلق من معطيات هذا العلم وكذلك
علم النفس الاجتماعي للمجموعات؛ فقررت أن أقوم بترجمة الموضوع.
وبعد
الترجمة اطلعت على عدد من الروابط التي أشار إليها المؤلف فوجدتها تقدم معلومات
أكثر أو تغطي جوانب لم يهتم بها صاحب المقالة الأساس، بل إنني ذهبت إلى موقع يقدم
نصوص كتب فنسخت كتابه الذي صدر عام 1974م.
ويرجع
اهتمام البروفيسور دومهوف بهذا الموضوع إلى عام 1967م حين نشر كتابه في طبعته
الأولى بعنوان "يحكم أمريكا؟" ثم نشر كتاباً عام 1970 حول القضية ذاتها،
وعاد في عام 1974م لينشر طبعة جديدة من الكتاب الأول.
وحرصت
على استطلاع بعض الآراء من خلال عدد من المنتديات في شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت-
الشبكة العنكبوتية) فجاءت الردود متباينة؛ فهناك من استنكر الموضوع وأنه لا يعقل
أن أمريكا الدولة القوية القائمة على النظام المؤسساتي، والبلد العظيم حضارياً
واقتصادياً وسياسياً أن تحكمه مجموعة صغيرة من الأثرياء والسياسيين والاقتصاديين.
واستخدم هؤلاء في تبريرهم أنهم لا يؤمنون بنظرية المؤامرة. بينما كانت آراء البعض
أنهم يرغبون في معرفة المزيد عن هذه الأيكة وما يدور فيها من أعمال ونشاطات وهل
حقيقة أن هذه المجموعة تسيطر على صنع السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية؟
والمؤلف
يقول في بعض سطوره إن لم تصدقوني فاقرأوا ما كتبه فلان وفلان وارجعوا إلى رسالة
الدكتوراه التي أنجزت في عام 1994م في إحدى الجامعات الأمريكية.
لن
أفسد على القارئ متعة استكشاف الاجابات عن هذه التساؤلات وغيرها في هذه المقدمة بل
أترك له المجال ليصل إليها.
ولا
بد أن أشير إلى قضية مهمة في السؤال الذي تحاول هذه الدراسة الاجتماعية الإجابة
عنه هو أن ثمة إجابات أخرى يعرفها العرب والمسلمون لما ذاقوا من ويلات من يحكم
أمريكا وهو اللوبي الصهيوني منذ براندايس قاضي المحكمة العليا الأمريكية في عهد
الرئيس الأمريكي ترومان. من يحم أمريكا عند بعض الباحثين هو جماعات الضغط
الصهيونية.
كما
وجدت مقالة نشرت عام 2004 بعنوان "من يحكم أمريكا؟: أنت تعلم أن الإعلام
الأمريكي منحاز وغير منصف ولكن ستعرف الآن لِمَ هو كذلك" وأعد تقرير البحث
أعضاء من قسم البحوث في دار نشر أمريكية هي فانقارد الوطنية National
Vanguard Books وكدت أترجم ذلك التقرير لولا أنني قررت أن
أبحث عن نسخة جديدة وبالفعل وجدت نسخة منشورة عام 2010م. وهي بالإجمال تتحدث عن
سيطرة اليهود على كبريات المؤسسات الإعلامية من تلفاز وسينما وصحافة ونشر.
ومن
الطرائف أنني في أثناء الترجمة وجدت لدي كتاباً لمؤلف عربي درس الإعلام في أمريكا
واسمه الدكتور يحيى العريضي وعنوان كتابه "من يحكم أمريكا فعلاً؟!"
وعنوانه الفرعي:"السيطرة الخفية لليهود" دارسة في الإعلام الغربي
والأمريكي"، وما أن بدأت أقرأ أول الصفحات حتى اكتشفت أن المؤلف قام بترجمة
التقرير المذكور في الفقرة السابقة دون أن يشير إلى مصدر كلامه وحتى في صفحة
المراجع لم يذكر مرجعاً أجنبياً واحداً بلغته الأصلية. مع أن التعريف بالمؤلف أنه
حصل على الدكتوراه في اللسانيات وكانت رسالته حول لغة الإعلام الأمريكي
وإستراتيجياته. والعبارة التي وجدتها مترجمة حرفياً دون إشارة لمصدرها هي:"لا
توجد قوة على الساحة الأمريكية أضخم من تلك التي يتمتع بها المتحكمون بالرأي
العام الأمريكي (تسويد د. يحيى، لم يكن للباباوات ولا لأعظم الفاتحين قوة كتلك
التي تمتلكها مجموعة من الناس تسيطر على
الإعلام الأمريكي"(
[2])
لقد
كنت متحمساً أن أرجع إلى بقية ما كتب المؤلف ولكني تراجعت خوفاً من أن أشاركه سرقات
محتملة من مراجع أخرى.
ونظراً
لأن المؤلف البروفيسور جورج دمهوف Domhoff تناول موضوع الأيكة من
خلال نظريات السلطة والحكم والمجموعات الغنية أو الطبقة الثرية فقد قررت أن أترجم
مقالة له مكونة من سبع صفحات حول النظريات المختلفة التي تتناول السلطة والنخبة أو
السلطة وأصحاب المال والثراء. وهي القسم الثاني من الكتاب. وإن كان الغرب قد اهتم
في نظرياته المختلفة بالحديث عن العلاقة بين السلطة والحكم والأثرياء أو الطبقات
العليا فإن القرآن الكريم قد أولى هذه القضية عناية خاصة وهو القسم الثالث من هذا
الكتاب.
أرجو
أن تجدوا في هذا الكتاب ما يحفز على
مواجهة من يحكم أمريكا سواءً كانوا
أولئك الذين يملكون الإعلام والرأي العام وهم اليهود كما يرى البعض أو الثنائي
المال والسلطة أو الحكومة، متذكراً ما كتب عن الأمريكان أنهم "أمة من النعاج" فردّ عليه آخر
"أمة من الأسود لكن مكبّلة" ولا أنسى أن أذكر الأستاذ محمد صلاح الدين
الكاتب الرائع رحمه الله رحمة واسعة، قال اليهود يخططون وينجحون في السيطرة على ما
يريدون ولكن هل نستسلم، ألا يمكننا أن نخطط ونبطل خططهم، لقد نجحت دعايتهم في
إيهامنا أننا لا يمكن أن نهزمهم وأنهم يحكمون العالم فإلى متى نظل سلبيين؟
والأمر
الأهم إن كان الباحث الأمريكي توصل إلى تأكيد نظريته أو اقترب من التأكيد أن
الطبقة الراقية أو الغنية تتماسك مع الطبقة الحاكمة لمصالح الطرفين ضد مصالح بقية طبقات المجتمع وأطيافه. فإن
الإسلام جاء ليمنع هذا التآمر حيث دعا الجميع إلى شرع الله عز وجل وأن يتعاونوا
على البر والتقوى (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ
عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ
الْعِقَابِ)(سورة المائدة آية) وأن رسالة التمكين ليس زيادة الثراء أو السلطة
وإنما كما قال الحق سبحانه وتعالى الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ
أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا
عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ {سورة الحج آية41}
فهرس المحتويات
· مقدمة
المترجم.
· من
هو مؤلف "من يحكم أمريكا؟"
القسم الأول
· ماذا
دراسة الأيكة البوهيمية؟ التماسك الاجتماعي والتماسك السياسي.
o
المنهجية
o
تاريخ النادي
البوهيمي والمخيمات.
o
حرق جثة الحرص
الدنيوي
o
الترفيه في
الأيكة.
o
أحاديث
البحيرة.
o
المخيمات في
الأيكة.
o
علم اجتماع
بوهيميا: الصلات المؤسساتية والاجتماعية لأعضاء النادي وضيوفهم.
o
مرة ما
المقصود بالدراسة؟
القسم الثاني
· نظريات
العلاقة بين السلطة والطبقة العليا أو النخبة الثرية
القسم الثالث:
نظرة الإسلام إلى
السلطة وأهل الثراء (الملأ
[1] -
وكان أمر الوصول إليها هو أن تكتب في جوجل عبارة :
من يحكم أمريكا؟ الأيكة البوهيمية، لتصل إلى الموضوع مباشرة.
[2] THERE IS NO GREATER
POWER in the world today than that wielded by the manipulators of public
opinion in America. No King or pope of old, no conquering general or high priest
ever disposed of power even remotely approaching that of the few dozen men who
control mass media news and entertainment.
كانت لدي طبعة لعام
2004 وأخرى لعام 2010 ولأن كتابه ظهر في سنة 1999 فلا بد أنه كانت هناك طبعة أقدم
والرابط لها هو
http://www.natvan.com/who-rules-america/

الاثنين، 7 سبتمبر 2009

عرض كتاب (على نهج محمد صلى الله عليه وسلم


مراجعة لكتاب على خطى محمد صلى الله عليه وسلم (إعادة التفكير في الإسلام في العالم المعاصر) تأليف كارل إرنست Carl Ernest ترجمة حمزة الحلايقة مراجعة وتحرير : مركز التعريب والبرمجةالناشر بيروت: الدار العربية للعلوم بسم الله الرحمن الرحيم أول ما يتبادر إلى الذهن حين تقرأ العنوان أن الكاتب مسلم يقدم لك سيرة الحبيب صلوات الله وسلامه عليه لتسير على نهجها وخطاها، ولكن ما أن تبدأ في القراءة حتى يقول لك المؤلف إنه ليس مسلماً وإنما أراد أن يكتب عن الإسلام والمسلمين في زمن انتشرت فيه ظاهرة شتم الإسلام والانتقاص منه وتحذير الناس من الإسلام والمسلمين وهي الظاهرة التي أطلق عليها ظاهرة التخويف من الإسلام. وهنا انبرى نفر من الغربيين يريدون أن يوضحوا لقومهم أن الإسلام لا يخاف منه وأن المسلمين بشر من البشر لهم وجودهم وكيانهم وتاريخها وأوضاعهم السياسية والاقتصادية، ولِمَ الخوف منهم. ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر جون اسبوزيتو أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة جورج تاون ومؤسس مركز التفاهم الإسلامي النصراني في جامعة جورجتاون بعد انتقاله من معهد هارتفورد اللاهوتي ومستشار مركز الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامي النصراني. قلت إذن ثمة خطأ في ترجمة العنوان فهو في اللغة الإنجليزية معناه الأقرب (اتّباع محمد، إعادة النظر في الإسلام في العالم المعاصر) فكيف اعتقد المترجم أنه يقصد على خطى محمد صلى الله عليه وسلم. لنترك العنوان ونأتي إلى المترجم فلا شك أنه بذل جهداً طيباً في الترجمة هو ولجنة المراجعة والتحرير ولكنه وحتى المراجعون ليسوا متخصصين في كتابات الغربيين حول الإسلام والمسلمين، بل لم يفهموا تاريخ هذه الدراسات ووضعها الحقيقي. لذلك أشاد المترجم وأطنب في الإشادة بالكتاب دون أن يدرك حقيقة ما قصده المؤلف أو ما أراده. ودلفت إلى النص كما يقولون لتصدمني عبارات عجيبة في الحديث عن أهداف المؤلف من تأليف الكتاب فهو يقول أن هدفه الأساس هو التوضيح بأن المسلمين "عبارة عن كائنات بشرية بمعنى أن لهم تاريخاً وأنهم يعيشون أوضاعاً اجتماعية وتاريخية متعددة معرّفة من خلال الطبقة الاقتصادية والمعرفة والجنس بالإضافة إلى جميع العوامل التي لا بد للناس الطبيعيين أن يتعاملوا معها، وبصراحة أشعر شخصياً أنني مجبر على إثبات هذه الفرضية البسيطة وذلك بسبب العلاقات الإنسانية العميقة التي أقمتها مع المسلمين عبر السنين" فهل نفرح أن المؤلف قرر أن يمنحنا شرف الانتساب إلى البشر والإنسانية؟ هل هذه رسالة المسلم والمسلمين في الأرض؟ لقد وصل الاستعلاء بالغربيين في وقت من الأوقات وحتى اليوم أن ينظروا إلى الأمم الأخرى بأنهم أقل شأنا، وأنهم القادرون على الحكم على البشر، وكانت رسالة الرجل الأبيض كما زعموا تحضير الشعوب والأمم الأخرى. هل نحن فقط بشر كما يريد لنا المؤلف العزيز؟ ألسنا أمة تحمل رسالة هداية وصلاح للبشرية جمعاء منذ بعث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟ ألم يقل ربعي بن عامر رضي الله عنه لملك الفرس (إن الله جاء بنا وابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الواحد الأحد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة"؟ ألم نحقق هذه الرسالة حين كنّا نعيش بالإسلام وللإسلام؟ ويقول المؤلف في موضع آخر إن من أهدافه "الكشف عن الوجه الإنساني للإسلام" فهل الوجه الإنساني للإسلام بحاجة إلى من يكشف عنه؟ إن الذين يزعمون أنهم اخترعوا علماً أسموه علم الإنسان ما دروا أن في القرآن سورة كاملة جميلة (وكل سور القرآن الكريم جميلة) اسمها (الإنسان)(هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً، إنّا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج فجعلناه سميعاً بصيراً، إنّا هديناه السبيل إمّا شاكراً وإمّا كفوراً) وتحدث المؤلف في فصل جعل عنوانه (الإسلام في عيون الغرب) شكى فيه من جهل الأمريكيين بالثقافات الأخرى، ولكن لم يتساءل لماذا يجهل الأمريكيون العالم من حولهم؟ ولماذا أمريكا عندهم هي كل العالم؟ ألم يتساءل لماذا يسعى الإعلام الأمريكي بقنواته التي تفوق الحصر جاهلاً بكل ما حوله؟ لماذا حاربت وربما لا تزال الحكومة الأمريكية تحارب فهم الأمريكيين للشعوب والأمم الأخرى من خلال فرض حصار على الشعب الأمريكي. وثمة قصة طريفة لطالب سعودي أراد في الستينيات أو السبعينيات الميلادية أن يشتري مذياع بموجات قصيرة فلم يجد حتى دلوه على شوارع خلفية في مدينة لوس أنجلوس ليشتري ذلك المذياع وكأنه يشتري مخدرات أو ممنوعات. وهل رأيتم في حياتكم راديو أمريكي فيه غير الموجة إي إم وإف إم. وقد فاجأني الدكتور هيث لوري (رئيس قسم دراسات الشرق الأدنى بجامعة برنستون عام 1995م بقوله أنتم محظوظون بمشاهدة السي إن إن الدولية، أما السي إن إن الأمريكية فهي لا تهتم إلاّ بالشأن الأمريكي. ومن الأمثلة على إغراق المواطن الأمريكي بالقضايا المحلية أن جعلت محاكمة إ وجي سمبسون محاكمة القرن، والمرأة التي قطعت عضو زوجها بطلة قومية وربما علموا أفلاماً حول القضية ، وما إلى ذلك من القضايا المحلية التي ينطبق عليها (صناعة محلية واستهلاك محلي) ومع ذلك فأصر لماذا لا يعرف الأمريكيون العالم أو يعرفوه معرفة مشوهة؟ وتحدث المؤلف في كتابه عن المرأة واتهام الإسلام والمسلمين باضطهاد المرأة وأشار إلى أن المرأة المسلمة سبقت الغربية في نيل كثير من حقوقها ومن ذلك الحق المالي أن جعل الإسلام للمرأة ذمة مالية مستقلة. ولم يشر إلى أن المسلمين حين يضطهدون المرأة فإنما يكونون مخالفين للإسلام الذي يأمر بالإحسان إلى المرأة والرفق بها (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) وتقول عائشة رضي الله عنها ( كان صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله (وفي تدل على الاستغراق كما يقول اللغويون):كان يرقع ثوبه ويخصف نعله ويحلب شاته) وأما المرأة الغربية فإن العنف ضدها أضعاف أضعاف ما عندنا واكتب في جوجل عبارة (العنف ضد المرأة )باللغة الإنجليزية وانظر ملايين الصفحات والقوانين والقرارات. فأينا أكثر تقديراً للمرأة نحن أم هم؟وتحدث عن تطبيق الشريعة الإسلامية ولم يوف الموضوع حقه بل تناول السعودية بشيء من المعلومات الخاطئة والأفكار المسبقة بأن ذكر الوهابية وهذه تسمى في البحث العلمي التعميمات الجارفة. ولو أدرك حقيقة المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية لعرف أننا نريد أن نعيش حياة فيها صدق وأمانة وشفافية وأن يكون الرجل المناسب في المكان المناسب، وأن يراعي الحاكم أحوال أمته (من ولي من أمر المسلمين شيئاً فشق عليهم إلاّ شق الله عليه) ويريد المسلمون من تطبيق الشريعة الإسلامية أن يكون في الأمة محاسبية وشفافية ومن أين لك هذا، ويريد المسلمون أيضاً أن يكون الرجل المناسب في المكان المناسب لا أن توسد الأمور إلى غير أهلها فنكون قد وصلنا إلى قرب يوم القيامة. وفي فصل آخر تحدث عن مفهوم الدين عند المسلمين ولكنه غرق في تعريف القارئ بمعنى كلمة الدين عند أساطين العلماء النصارى والفلاسفة. وكان الأولى أن يبدأ بالتعريف اللغوي للدين عندنا من معاجمنا لو كان يعرفها، ولو رجع إلى آيات القرآن الكريم التي أوردت لفظ الدين في أكثر من موضع، ومنها (إن الدين عند الله الإسلام) وفي آية أخرى (هو سمّاكم المسلمين). بل وقع المؤلف فيما وقع فيه قبله المستشرقون بأن زعم أن مصطلح الدين مصطلح غامض واستشهد بنقل عبارات طويلة من المستشرق الخطير ويلفرد كانتول سميث لأن القارئ العربي ربما لا يعرف هذا المستشرق ولأن مثل هؤلاء المستشرقين هم العمدة عنده.وفي الحديث عن مصادر الإسلام وأشار إلى أن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم هي أحد هذه المصادر وإن كان قد اعترف بأنها دونت خيراً مما دونت سيرة عيسى عليه السلام ولكنه عاد ليقلل من شأن هذا التدوين بقوله:" بينما يبدو للوهلة الأولى أن حياة محمد صلى الله عليه وسلم موثقة بدرجة أكبر بكثير من خلال مصادر معاصرة (من عصر النبي) إلاّ أنه مع تعمق في الفحص يجد أن فصل محمد التاريخي عن محمد الإيماني هو بالدرجة نفسها من الصعوبة" ولا أدري كيف يكون الفصل بين محمد التاريخي ومحمد الإيماني؟ ولكنه قرن ذلك بما عند النصارى من فرق بين عيسى عليه السلام تاريخياً وإيمانياً. وأورد حديثاً عن توضيح الرسول صلى الله عليه وسلم لأسس الإسلام في الحديث الصحيح الذي درسناه في الأربعين النووية وفيه (عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال بينما كنّا جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر وليس عليه أثر السفر ولا يعرفه منّا أحد فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. وسأله عن الإسلام وعن الإيمان وعن الإحسان) ويقول المؤلف في هذا الحديث: "يصف لنا لقاء بين محمد (صلى الله عليه وسلم) وشخصية مبهمة كانت عبارة عن الملك جبريل) فلماذا يروي الحديث بهذه الطريقة؟وأختم بعبارة لفت نظري إليها أحد الطلاب أن المؤلف زعم أن المستشرقين أو المتخصصين في الدراسات العربية والإسلامية الغربيين لم يكن هدفهم في دراساتهم للإسلام خدمة الاستعمار أو الأهداف السياسية. فهذا من العجب العجاب فالأغلبية منهم في وقت من الأوقات عملوا في خدمة أهداف بلادهم السياسية والاقتصادية والثقافية ومازال كثير منهم يعمل لتلك الأهداف. كان على المؤلف أن يبتعد عن مثل هذه العبارات التي تنزه مجالاً معرفية ما وجد إلاّ ليحارب الإسلام ومازال.نعم جامعة شمال كارولاينا لها مزايا وإيجابيات ولكن لن يكفينا كتاب واحد ولا معلومات سريعة وإنما نحتاج إلى أن نراجع كل تلك الدراسات ونتساءل كم عدد المسلمين في الجامعات الغربية الذين يدرسون مادة الإسلام أو يدرّسون عن الإسلام؟ ولماذا لا يستقطب للعمل في الجامعات الغربية إلاّ من كان عنده الجرأة وربما حتى الوقاحة في نقد الإسلام وتراثه ولا يسمح لمعتدلين من أبناء المسلمين أن يدرسوا الإسلام ولماذا يصرون على اختيار كتب معينة ويتجاهلون كتباً قيمة ألفها مسلمون وهي كثيرة؟